حرية جورج عبدالله ليست حدثاً عادياً - للاستاد ناصر قنديل
مرسل: الثلاثاء يوليو 29, 2025 11:49 am
ناصر قنديل- جريدة البناء
لن ينتقص الغياب الحكوميّ عن استقبال المناضل المقاوم جورج عبدالله العائد من أسر ظالم امتدّ لـ 41 عاماً في سجون دولة الثورة الفرنسيّة التي حملت شعار حقوق الإنسان، من قيمة الحدث وأهميّته، ذلك أن الرسالة التي يحملها جورج عابرة للحدود والطوائف والحزبيات وزواريب السياسة اللبنانية الضيقة، وأول ما في هذه الرسالة القول إن الصمود هو جوهر المسؤوليّة في الدفاع عن الحق ومواجهة الظالم، وعندما يمتلك الفرد أو الشعب أو الدولة إرادة الصمود وتحمل التبعات والعواقب، فإن الصبح قريب مهما طال الليل، والقضية هي في الإجابة عن سؤال، وهل نستطيع الصمود مهما طال الليل، وتحمّل التبعات والعواقب مهما عظمت، ونصبر ولو ضاع العمر، يقول جورج بالوقائع، نعم هذا ممكن، والدليل هو جورج نفسه، وها هو عائد بهمة الشباب بعدما بلغ الرابعة والسبعين من عمره يهتف لحرية فلسطين ويدعو الأمة للنهوض.
جورج ليس جنوبياً كي يقول انه يناصر المقاومة لأن ارض بيته واهله واقاربه محتلة، أو عرضة للعدوان، وليس فلسطينيا كي يقال إنه ينتصر لوطنه المحتل والمظلوم، وليس مسلماً كي يقال إن رابطة الدين تجمعه بأهل الجنوب وفلسطين على تنوع مذاهبهم، وها هو جورج عبدالله المسيحي الماروني من أقصى شمال لبنان يتقدم بصوته داعياً لنصرة المقاومة وفلسطين والجنوب، ما يجب أن يدعو كل مشكك بصواب نهج المقاومة للسؤال عن دوافع جورج، الذي يفترض أن يكون بعد هذه العذابات والتضحيات قد جاء ليرتاح وليس ليجدّد العزم على مواصلة المسيرة، وإن لم يكن محرّك جورج فكرة تستحق الاحترام والاستكشاف والتفكير، فماذا عسى هذا الدافع يكون؟
الفكرة التي تحرّك جورج ليست خيالاً ولا هي عقيدة فلسفية تحتاج إلى تعقيدات لفهمها، بل هي فكرة بسيطة وحق بائن، هي فكرة أن أطفال غزة يموتون جوعاً، والعالم الذي يدّعي أنه متحضر يقف متفرّجاً بحكوماته الظالمة، بينما تنتفض شعوبه نصرة لهؤلاء الأطفال وحقهم في الحياة، وأن الأرض التي يتمّ القتال فوقها لم يعُد خافياً على شعوب الأرض أن اسمها فلسطين، وأنّها كانت فلسطين وهي اليوم فلسطين وسوف تبقى فلسطين، وأن هذا الكيان الذي يحظى بدعم أقوياء العالم، يستقوي على شعب فلسطين بسبب تخلّي الحكومات العربيّة عن مسؤوليّاتها، وضعف حضور الشعوب العربية في ساحاتها، خشيّة العواقب والتبعات، وجورج مثال لعدم خشية العواقب والتبعات.
الفكرة التي تحرّك جورج تقول إنه ليس مهماً أن تكون مسالماً مع هذا الكيان كي تنجو، وها هم الذين سالموه واستسلموا لمشيئته يدفعون الأثمان عدواناً وإذلالاً، وإلا فماذا يمكن تسمية ما يجري مع الحكم الجديد في سورية، وبماذا يمكن تفسيره، وما قدّمه ومثله السلطة الفلسطينية من قبله، لم يشفع لهما، والسؤال البسيط لدعاة الانكفاء عن خط المقاومة هو كيف تحمون بلدكم، في لبنان وغير لبنان، وها هو مثال سورية أمامكم، وسقف ما تدعون لفعله لا يصل إلى بعض مما فعله الحكم في سورية ولم ينج من الإذلال والعدوان والتوسّع والتوحّش والتغوّل، وها هي واشنطن التي تجمل لكم الاستسلام تقف متفرّجة على ما جرى لدمشق وسورية، فهل من طريق غير امتلاك القوة، وبالمقابل أليس اليمن مثالاً معاكساً يقول إنّه رغم الفقر والضعف عندما تكون هناك إرادة المقاومة وسعي جاد لامتلاك أسباب القوة، فإن اجتمع الغرب كله ومعه “إسرائيل” لا يستطيعون كسر هذه الإرادة؟
الفكرة التي آمن بها جورج عبدالله ولا يزال تقول إن الأوطان ليس قضية نملأ بها أوقات الفراغ، بل هي ما يستحقّ وحده أن تبذل في سبيله التضحيات، لأن الأوطان ليست فنادق نختارها حسب مستوى الخدمة فيها، ونغادرها عندما يسوء مستوى الخدمة فيها، فنحن مواطنون في أوطاننا ولسنا مستوطنين جاؤوا من أصقاع الدنيا على وعد الرفاه والأمن فإن تعطّل الرفاه وتعذّر الأمن فكرنا بالمغادرة، أجدادنا دفنوا هنا ونحن سوف ندفن هنا، نريد أن نترك لأبنائنا وأحفادنا، وطناً يستحقون العيش في ظلاله ويستحقّ منا ومنهم التضحيات.
جورج عبدالله قيمة وطنية وقومية وإنسانية مضافة، وعنصر استنهاض في بيئتنا اللبنانية والعربية، وقوة دفع وقدوة في البعد النخبوي والثقافي، واللحظة التي يعيشها العالم العربي حيث التيار العلماني واليساري يحتاج الى قيادة يجد أمامه جورج عبدالله، ليشكل جناحاً فاعلاً من أجنحة التحليق في الفضاء المقاوم، والشباب العربي واللبناني المؤمن المقاوم من خارج بيئة المقاومة التقليدية في لبنان والبلاد العربية سوف يجد في جورج عبدالله من يملأ الفراغ الذي تركه المفكر والمثقف المشتبك الراحل أنيس النقاش، وسوف يجد في جورج الملهم الذي يستنير بعظيم تجربته وغنى فكره.
تحية مستحقة لقناة الميادين بمناسبة حرية جورج عبدالله لتخصيصها ما يلزم من متابعة وقت لهذه القضية التي تلامس وجدان كل أحرار العرب والعالم
.
لن ينتقص الغياب الحكوميّ عن استقبال المناضل المقاوم جورج عبدالله العائد من أسر ظالم امتدّ لـ 41 عاماً في سجون دولة الثورة الفرنسيّة التي حملت شعار حقوق الإنسان، من قيمة الحدث وأهميّته، ذلك أن الرسالة التي يحملها جورج عابرة للحدود والطوائف والحزبيات وزواريب السياسة اللبنانية الضيقة، وأول ما في هذه الرسالة القول إن الصمود هو جوهر المسؤوليّة في الدفاع عن الحق ومواجهة الظالم، وعندما يمتلك الفرد أو الشعب أو الدولة إرادة الصمود وتحمل التبعات والعواقب، فإن الصبح قريب مهما طال الليل، والقضية هي في الإجابة عن سؤال، وهل نستطيع الصمود مهما طال الليل، وتحمّل التبعات والعواقب مهما عظمت، ونصبر ولو ضاع العمر، يقول جورج بالوقائع، نعم هذا ممكن، والدليل هو جورج نفسه، وها هو عائد بهمة الشباب بعدما بلغ الرابعة والسبعين من عمره يهتف لحرية فلسطين ويدعو الأمة للنهوض.
جورج ليس جنوبياً كي يقول انه يناصر المقاومة لأن ارض بيته واهله واقاربه محتلة، أو عرضة للعدوان، وليس فلسطينيا كي يقال إنه ينتصر لوطنه المحتل والمظلوم، وليس مسلماً كي يقال إن رابطة الدين تجمعه بأهل الجنوب وفلسطين على تنوع مذاهبهم، وها هو جورج عبدالله المسيحي الماروني من أقصى شمال لبنان يتقدم بصوته داعياً لنصرة المقاومة وفلسطين والجنوب، ما يجب أن يدعو كل مشكك بصواب نهج المقاومة للسؤال عن دوافع جورج، الذي يفترض أن يكون بعد هذه العذابات والتضحيات قد جاء ليرتاح وليس ليجدّد العزم على مواصلة المسيرة، وإن لم يكن محرّك جورج فكرة تستحق الاحترام والاستكشاف والتفكير، فماذا عسى هذا الدافع يكون؟
الفكرة التي تحرّك جورج ليست خيالاً ولا هي عقيدة فلسفية تحتاج إلى تعقيدات لفهمها، بل هي فكرة بسيطة وحق بائن، هي فكرة أن أطفال غزة يموتون جوعاً، والعالم الذي يدّعي أنه متحضر يقف متفرّجاً بحكوماته الظالمة، بينما تنتفض شعوبه نصرة لهؤلاء الأطفال وحقهم في الحياة، وأن الأرض التي يتمّ القتال فوقها لم يعُد خافياً على شعوب الأرض أن اسمها فلسطين، وأنّها كانت فلسطين وهي اليوم فلسطين وسوف تبقى فلسطين، وأن هذا الكيان الذي يحظى بدعم أقوياء العالم، يستقوي على شعب فلسطين بسبب تخلّي الحكومات العربيّة عن مسؤوليّاتها، وضعف حضور الشعوب العربية في ساحاتها، خشيّة العواقب والتبعات، وجورج مثال لعدم خشية العواقب والتبعات.
الفكرة التي تحرّك جورج تقول إنه ليس مهماً أن تكون مسالماً مع هذا الكيان كي تنجو، وها هم الذين سالموه واستسلموا لمشيئته يدفعون الأثمان عدواناً وإذلالاً، وإلا فماذا يمكن تسمية ما يجري مع الحكم الجديد في سورية، وبماذا يمكن تفسيره، وما قدّمه ومثله السلطة الفلسطينية من قبله، لم يشفع لهما، والسؤال البسيط لدعاة الانكفاء عن خط المقاومة هو كيف تحمون بلدكم، في لبنان وغير لبنان، وها هو مثال سورية أمامكم، وسقف ما تدعون لفعله لا يصل إلى بعض مما فعله الحكم في سورية ولم ينج من الإذلال والعدوان والتوسّع والتوحّش والتغوّل، وها هي واشنطن التي تجمل لكم الاستسلام تقف متفرّجة على ما جرى لدمشق وسورية، فهل من طريق غير امتلاك القوة، وبالمقابل أليس اليمن مثالاً معاكساً يقول إنّه رغم الفقر والضعف عندما تكون هناك إرادة المقاومة وسعي جاد لامتلاك أسباب القوة، فإن اجتمع الغرب كله ومعه “إسرائيل” لا يستطيعون كسر هذه الإرادة؟
الفكرة التي آمن بها جورج عبدالله ولا يزال تقول إن الأوطان ليس قضية نملأ بها أوقات الفراغ، بل هي ما يستحقّ وحده أن تبذل في سبيله التضحيات، لأن الأوطان ليست فنادق نختارها حسب مستوى الخدمة فيها، ونغادرها عندما يسوء مستوى الخدمة فيها، فنحن مواطنون في أوطاننا ولسنا مستوطنين جاؤوا من أصقاع الدنيا على وعد الرفاه والأمن فإن تعطّل الرفاه وتعذّر الأمن فكرنا بالمغادرة، أجدادنا دفنوا هنا ونحن سوف ندفن هنا، نريد أن نترك لأبنائنا وأحفادنا، وطناً يستحقون العيش في ظلاله ويستحقّ منا ومنهم التضحيات.
جورج عبدالله قيمة وطنية وقومية وإنسانية مضافة، وعنصر استنهاض في بيئتنا اللبنانية والعربية، وقوة دفع وقدوة في البعد النخبوي والثقافي، واللحظة التي يعيشها العالم العربي حيث التيار العلماني واليساري يحتاج الى قيادة يجد أمامه جورج عبدالله، ليشكل جناحاً فاعلاً من أجنحة التحليق في الفضاء المقاوم، والشباب العربي واللبناني المؤمن المقاوم من خارج بيئة المقاومة التقليدية في لبنان والبلاد العربية سوف يجد في جورج عبدالله من يملأ الفراغ الذي تركه المفكر والمثقف المشتبك الراحل أنيس النقاش، وسوف يجد في جورج الملهم الذي يستنير بعظيم تجربته وغنى فكره.
تحية مستحقة لقناة الميادين بمناسبة حرية جورج عبدالله لتخصيصها ما يلزم من متابعة وقت لهذه القضية التي تلامس وجدان كل أحرار العرب والعالم
.