قد نتساءل: كيف يمكن ان نفهم تصرف المجمع الصهيوني من حيث الخوف الهستيري الذي نشاهده على إثر وصول أي صاروخ او طائرة مسيرة من المقاومة اللبنانية او اليمنية وكذا في المواجهات الميدانية الصفرية مع مقاتلين وحتى من بعض الأطفال والشبان المسلحين فقط بالحجارة من جهة وتوحشهم السادي في تقتيل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ وصل إلى حد جرائم حرب وإبادة أقل ما يقال عنها نازية, لا بل هي أكثر من النازية إجراما بمراحل .
وهكذا يطرح السؤال كيف تكونت لذي هذا المجمع اللقيط ازدواجية الرعب المركب والتوحش الاجرامي، هذه الازدواجية التي تتجلى في سيكولوجيتهم اليومية المرتعبة وتنعكس في جرائمهم المتواصلة ضد المدنيين من تقتيل ومعاملة منحطة لا إنسانية ابان الاعتقالات التعسفية.
هناك أسباب تاريخية، قد تساهم في تفسير هذه الظاهرة المركبة:
ـ عدم الشعور بالأمان، بل أكثر من ذلك شعورهم بأنهم كانوا (وربما لا زالوا) منبوذون ومضطهدون في المجتمعات الغربية وخصوصا الأوروبية وقد برزت جليا في تشريدهم من طرف المانيا النازية ومحاولة تهجيرهم او تجميعهم في ارض مغتصبة كفلسطين السليبة.
ـ الإحساس بالتهديد الوجودي من جراء الحروب المتكررة مع دول عربية ما بعد النكبة ومع حركات المقاومة في الأربعين سنة الأخيرة.
وهناك أيضا جدور نفسية تلازم الصهيونية تتجلى في:
- الشعور الدائم بالخطر والخوف على الوجود، هذا الإحساس ظل مستمرا حتى بغد قيام الكيان الصهيوني بسبب الحروب المتكررة مع دول الطوق (1948، 1967،1956، 1973، 1982) وكذا مع مكونات محور المقاومة (سيما بعد انسحاب الأنظمة العربية من المواجهة بعد اتفاقية كامب دافيد) سنوات 2006،2000، 2008، 2014، 2021 و 2023 طوفان الأقصى.
- الحاجة الى الأمان الوجودي من خلال الاستيلاء على أرض لإقامة كيان ليس فقط مكانا للعيش، بل ضمانة لاستمرار بقاءهم بعد "مآسيهم التاريخية" (حاجة نفسية للأمان). وهذا ما يفسر هويتهم القائمة على "الدفاع" والجيش القادر. ومن هنا يفهم الطرق المتبعة لتربية الأجيال على فكرة ان العالم ضدهم وان عليهم الدفاع عن أنفسهم بكل الوسائل.
وقد يمكن التساؤل كيف تؤثر هذه العوامل لتتجلى في سلوكهم السياسي والعسكري؟
~ استخدام القوة المفرطة والاعتماد على القوة العسكرية أكثر من الحلول السياسية وهو ما يفسر "بالخوف من الضعف"
~ تعزيز الاستيطان كما يقع في الضفة الغربية كجزء من الحاجة الى "توسيع الحدود الامنة" هذا السلوك بالإضافة الى دوافعه النفسية الواضحة له ابضا خلفيات أيديولوجية (يهودا والسامرة).
~ استخدام خطاب الخوف بشكل مفرط لفرض سياسات عسكرية واستيطانية كما يقع تماما في الحرب الحالية. وهكذا يتم إرساء أجواء امنية يومية تزكي ظاهرة "الخوف كجزء من الحياة" تتجلى حتى في البيئة المحيطة كبناء جدار الفصل العنصري، تشييد نقط تفتيش عديدة، إنذارات صاروخية مبكرة بالإضافة لتجنيد الاعلام لتعزيز خطاب الخطر والخوف من العدو.
لعل هذه الدوافع التاريخية وأيضا النفسية قد تساعدنا في فهم السلوك الصهيوني المؤطر في ازدواجية الرعب والتوحش في ميدان المواجهات السابقة واللاحقة وهذا كله في إطار تعميق معرفة العدو لتيسير مواجهته والاستمرار في مراكمة انتصارات فصائل محور المقاومة في افق دحر هذا الكيان مستقبلا.